في ضوء الآيات التي تجعل الحكم حقا خاصا لله، أو تقصد الحكم التكويني - أي: إن الله يخلق في العالم كل ما يريد، وليس لأحد أو شئ أن يحول دون إرادته * (يفعل الله ما يشاء) * (1) و * (يحكم ما يريد) * (2) - أو تريد الحكم التشريعي... نلاحظ أن التشريع والأمر إنما هو لذاته المقدسة وحده، ولا ينبغي لأحد أن يشرع قانونا في مقابل قانونه. ولا يحق لأحد - غير ذات الحق المقدسة - أن يصدر أمرا للآخرين.
ومن البديهي أن القوانين الحكومية المدونة على أساس حكم الله تكسب شرعيتها واعتبارها من القوانين الإلهية الكلية، وأن حكم القائد أو الإمام الذي فرض الله طاعته هو حكم الله نفسه.
وكان المارقون قد خالفوا أمير المؤمنين (عليه السلام) في حرب صفين بعد مكيدة التحكيم، بسبب غرورهم وجمودهم الفكري وجهلهم وفتن العدو المدروسة.
ثم أصبحوا - تدريجا - جماعة منظمة، وكيانا مناوئا متطرفا قويا ناهض حكومة الإمام (عليه السلام)، ورفعوا شعار " لا حكم إلا لله " ليسجلوا بزعمهم مؤاخذة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقيادته، وشعارهم المذكور ذو جذر قرآني، لذلك لم يسع أحد إنكاره. وعرض الإمام (عليه السلام) في سياق تأييده للشعار نقاطا مهمة حول الحكومة والقيادة السياسية من منظور الإسلام، وأبدى تقويما للشعارات المفرطة المتطرفة المطالبة بالحق في ظاهرها، المطروحة من قبل المتظاهرين بالروح الثورية في المجتمع، قال (عليه السلام):
" كلمة حق يراد بها باطل، نعم إنه لا حكم إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلا لله، وإنه لابد للناس من أمير بر أو فاجر، يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفئ، ويقاتل به العدو، وتأمن به