نموذج القيادة الأخلاقية يمكننا أن نجد أبرز نموذج للقيادة الأخلاقية في نهج البلاغة. حيث يصف الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أحد إخوانه في الله، بدون أن يصرح باسمه، لما نال من أرفع درجات القيادة الأخلاقية، ويؤكد في آخر كلامه أن التحلي بهذه الصفات ضروري للجميع، وإذا تعذر على أحد أن يبلغ تلك الدرجة الرفيعة من الفضائل الأخلاقية فعليه أن يسعى بمقدار جهده ليحظى بقسم منها. قال (عليه السلام):
" كان لي فيما مضى أخ في الله، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه.
وكان خارجا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد. وكان أكثر دهره صامتا، فإن قال بذ (1) القائلين، ونقع غليل (2) السائلين. وكان ضعيفا مستضعفا، فإن جاء الجد فهو ليث غاب وصل (3) واد، لا يدلي بحجة حتى يأتي قاضيا. وكان لا يلوم أحدا على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره. وكان لا يشكو وجعا إلا عند برئه. وكان يقول ما يفعل ولا يقول ما لا يفعل. وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت. وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلم. وكان إذا بدهه أمران ينظر أيهما أقرب إلى الهوى فيخالفه. فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها، فإن لم تستطيعوها فاعلموا أن أخذ القليل خير من ترك الكثير " (4).