فلسفة ولاية الفقيه تبين لنا في ضوء الدراسات المنجزة أن الإسلام يؤيد حاجة المجتمع إلى القيادة، على عكس مذهب الخوارج في الماضي والمذهب الديالكتيكي في عصرنا الحاضر، وهذا لا يعني أبدا أن القيادة مطلقا تكفي لتكامل المجتمع، بل يعني أنه إذا عد الإمام الفاجر خيرا من الفتنة فإن هدفه إنقاذ المجتمع من حالة الشذوذ والفوضى لكن ينبغي الالتفات إلى أن تكامل المجتمع - من منظور إسلامي - لا يتيسر إلا عن طريق تطبيق الدين في الحياة الفردية والاجتماعية، وإلا عن طريق الرسالة المشتملة على منهج التكامل المادي والمعنوي للإنسان. من هذا المنطلق ليس لأحد أن يقود المجتمع نحو الكمال إلا الخبير في الدين. وهنا تكمن الحكمة من ولاية الفقيه.
في ضوء هذا تقوم فلسفة ولاية الفقيه على دعامتين:
1 - التكامل المادي والمعنوي للإنسان، الذي يمثل الهدف من خلقه، وهذا لا يتحقق إلا عبر منهج يأتي به رسل خالق الوجود (1).
2 - إن الأكفأ للقيادة هو الأعلم بمنهاج تكامل الإنسان والأقدر على تطبيقه في المجتمع.
ونقرأ للإمام الرضا (عليه السلام) كلاما في فلسفة الإمامة يمكن أن يبين فلسفة ولاية الفقيه أيضا:
" فإن قال: فلم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل: لعلل كثيرة، منها: أن الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم، لأنه لو لم يكن ذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره، فجعل عليهم قيما يمنعهم من الفساد، ويقيم فيهم الحدود