يطرح القرآن الكريم والحديث الشريف الشورى - بضوابطها وكيفيتها - كنظام للحكم ولو مرة واحدة، مع تأكيدها المشورة في الأعمال. فلا يداخلنا الشك - إذا - أن النبي (صلى الله عليه وآله) لو كان تحدث في هذا المجال للوحظ ذلك في الأحاديث المأثورة، ولانعكس في أذهان المسلمين، أو في أذهان كبار الصحابة في الأقل. في حين لا نجد أدنى أثر لذلك حتى في ذهن الجيل الأول من المسلمين، بل نجد خلافه في عمل الخليفة الأول والثاني لتعيين القائد بعدهما. وترشدنا المدونات التاريخية الثابتة إلى أنهما كانا يريان أن من حقهما تعيين الخليفة، ولم يعترض عليهما أحد ويحتج بأن النبي (صلى الله عليه وآله) جعل نظام الشورى أساسا لتعيين القائد.
ب - توعية ورثة الثورة يضاف إلى ما تقدم أن بيان قانون الشورى وضوابطه لا يكفي في مجتمع لم يعهده من قبل، فمن الضروري أن يقوم الرسول القائد بتوعية الناس على النظام الجديد وخصائصه، وعطاءاته وفوائده، وتحذيرهم من الأخطار التي تنجم عن رفضه، وذلك كي يتهيأوا ذهنيا وروحيا لقبوله.
من الطبيعي أن الناس لو تم توجيههم في هذا المجال لعد ذلك العمل واقعة مهمة في التاريخ، ولما أمكن كتمانه، في حين لم يلاحظ أي أثر له في التاريخ الإسلامي.
ج - استعداد ورثة الثورة ثبت إلى هنا أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يختر نظام الشورى لقيادة المجتمع الإسلامي بعده.
ونريد الآن أن نثبت أنه (صلى الله عليه وآله) يكن ممكنا له أن يوصي الناس بمثل هذا النظام، لأن ورثة الثورة لم يمتلكوا الاستعداد اللازم لقبول هذه المسؤولية.
توضيحا لهذا الموضوع ينبغي في البداية أن نتساءل قائلين: في أية ظروف يستطيع المجتمع البشري أن ينتخب قائده ونظامه القيادي؟ ومن هم الذين يتحقق على أيديهم الانتخاب الأفضل؟ من الضروري وجود شرطين لهذا العمل: