من هنا فإن الصالحين يحاولون دائما أن يقتربوا من هذه الأسوة الأخلاقية العظيمة ويقتدوا بها في حياتهم.
ونقرأ في آخر سورة الفرقان اثنتي عشرة خصلة يتسم بها أولئك الصالحون، منها الصفة الآتية:
* (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) * (1).
وتؤول فلسفة القيادة السياسية في الإسلام إلى فلسفة الوحي والنبوة في آخر المطاف، أي: ارتقاء الإنسان إلى القيادة الأخلاقية، بعبارة أخرى: فلسفة القيادة الأخلاقية انعكاس لفلسفة القيادة السياسية، وقد مر شرح ذلك في الفصل الأول.
يضاف إلى ذلك، أن القيادة الأخلاقية شرط للقيادة السياسية، أي: ما لم يتمتع الإنسان بالقيادة الأخلاقية فلا يصلح - في منظار الإسلام - للقيادة السياسية للمجتمع الإسلامي.
درجات القيادة الأخلاقية يبدو في أول نظرة أن درجات القيادة الأخلاقية تبدأ من القيادة القولية بلا عمل، ثم بالقيادة العملية، وتنتهي بالقيادة القولية والعملية معا. وبقليل من التأمل نجد أننا لا نستطيع أن نعد القيادة القولية بلا عمل من درجات القيادة الأخلاقية المثالية، لأن الإمام والقائد الأخلاقي للمجتمع - من منظور إسلامي - ينبغي أن يكون قدوة للناس في سلوكه وعمله قبل أن يدعوهم إلى القيم بأقواله. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا المجال:
" من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن