ونلحظ أن النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) يؤكد على هذه الصفة أكثر من غيرها في تبيان سمات النقد البناء، فقد تكرر في كلامه المذكور التركيز على مراعاة الحق والعدل والإنصاف في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ست مرات. والنقطة اللافتة للنظر هي أن إعطاء المرء الحق من نفسه علامة من علامات النصح للآخرين، وقد نص عليها الكلام النبوي بصراحة. وإن تطبيق الإنسان الحق والعدل على نفسه وإنصافه منها يمثلان أعلى درجات العدل والإنصاف. قال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
" غاية الإنصاف أن ينصف المرء نفسه " (1).
لا يتسنى لأحد أن ينقد آراء الآخرين وأعمالهم ويكون ناصحا لهم إلا إذا بلغ هذه الدرجة من الإنصاف، فلا ريب أن نقد مثل هذا الشخص ثمين وبناء.
بعبارة أخرى: إن من يستطيع أن يرى عيب الآخرين وينقدهم هو من رأى عيوبه وجرأ على نقد نفسه أيضا.
3 - الأسلوب المرضي لاسلوب النقد دور مهم في سلامته وبنائه. فكون النقد حقا لا يكفي لجعله بناء، بل إن عرض النقد بنحو مناسب هو من شروطه الأصلية والمصيرية أيضا. وفي التوصية بالرفق والمداراة في الأمر والنهي - المار ذكرها في الحديث النبوي - إشارة إلى هذه الصفة المهمة.
المعيار العام في أسلوب النقد الصحيح هو أن الناقد ينقد الآخرين بالشكل الذي يحب أن ينقدوه بمثله أيضا: " ويرضى للناس ما يرضاه لنفسه ".