أمكننا أن نستنتج بيسر كيف وضع هذا الحديث بأسلوب ماكر ليلزم المسلمين بالسكوت والصبر على ظلم حكامهم.
وجاء في " باب طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق " من هذا الكتاب أيضا:
" إن سلمة بن يزيد سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا امراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه! ثم سأله، فأعرض عنه! ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس وقال: اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم! " (1).
وقال في حديث بعده:
فجذبه الأشعث، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم "!
نلاحظ أن هذا الحديث الموضوع يحاول أن يملي على الناس مطلبين:
1 - أن الجواب عن المسائل السياسية ليس من شأن النبي (صلى الله عليه وآله)! فلا يسأل إلا المسائل الشرعية كالصلاة والصيام وأمثالهما. من هنا نجد أن السائل حين يكرر سؤاله يعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، معبرا عن كرهه لطرح مثل هذه المسائل.
2 - أن النبي (صلى الله عليه وآله) نص أو أيد حرمة النهي عن المنكر ومكافحة الفساد والظلم الذي كان يمارسه الحكام! ويريد أن يقول - في الحقيقة -: إن شأن نزول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظالم والفاسد هو لغير الطبقة الحاكمة على المجتمع! من هنا فإن سحق الامراء حقوق الناس لا ينبغي أن يفضي إلى معارضتهم، بل عليهم أن يطيعوا هؤلاء المفسدين ويسمعوا كلامهم، لأن ذلك الحديث الموضوع جعل الحكام مسؤولين عن أعمالهم، والناس مسؤولين عن أعمالهم أيضا!! وهنا يستبين لنا مصدر