ظواهر ألفاظها، وتستبطن مفهوما آخر يكمن في عمقها أيضا، وفي تفسيرها الباطن يعرض الإمام (عليه السلام) بنحو مجمل أساس الفساد الاجتماعي بأنواعه، وطريق الوصول إلى المجتمع الإنساني والإسلامي المطلوب.
إذ أن الأساس في جميع ضروب فساد المجتمع البشري وظلمه وانحرافه وضلاله هو قيادة أئمة الجور والباطل، ولا رجاء في إصلاحه ما دامت أم الفساد هذه معشعشة في كيانه. بيد أنا ينبغي أن نلتفت إلى أن اجتثاث شجرة الفساد الخبيثة هو أول خطوة في تحقيق الأهداف الإسلامية لبناء الأمة النموذجية.
والخطوة التالية - على أساس المعايير الإسلامية - هي خلافة القائد الرباني وإمامة العدل، التي تمثل أس الإسلام النامي ومنهاج تكامل الإنسان.
من هنا فإن أحرج اللحظات في تاريخ ثورة من الثورات هي عندما تريد الأمة أن تستبدل إمام الحق بإمام الباطل، فإذا تلكأت ولم تعمل بدقة تامة فإن مصير الثورة هو الرجوع إلى الماضي بفساده وضياعه.
2 - أساس الشرور جميعها يشير الإمام الصادق (عليه السلام) إلى منزلة القيادة المثالية بوصفها أصل كل خير، ثم يتطرق إلى إمامة أئمة الجور بوصفها أصل كل شر، فيقول:
" نحن أصل كل خير، ومن فروعنا كل بر، فمن البر: التوحيد والصلاة والصيام وكظم الغيظ والعفو عن المسئ ورحمة الفقير وتعهد الجار والإقرار بالفضل لأهله.
وعدونا أصل كل شر، ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة فمنهم: الكذب والبخل والنميمة والقطيعة وأكل الربا وأكل مال اليتيم بغير حقه...
فكذب من زعم أنه معنا وهو متعلق بفروع غيرنا " (1).