تدل هذه القصة بجلاء على أن الذين يتكلمون بصوت أعلى من القائد في النظام الإسلامي ويرفعون شعار المطالبة بالعدالة بنحو أشد وأعنف من الإمام ويتحركون قبله لتحقيق الأهداف الثورية إنما يخطون باتجاه دحر الإسلام ودمار الحق والعدالة، علموا أم جهلوا. وعلى الناس أن يعرفوهم جيدا ولا ينخدعوا بشعاراتهم المتطرفة البراقة.
3 - مبدأ مراعاة المصالح السياسية النقطة الأخرى الملحوظة في قصة ذي الخويصرة هي اهتمام الإسلام بمصلحة النظام. ويبدو أن عملين قد تحققا في هذه القضية على أساس المصالح السياسية، وهما:
أ - الشخصيات المتنفذة الحديثة عهد بالإسلام قبضت أكثر مما قبضه المسلمون الآخرون، وتمتعت بتسهيلات بيت المال وإمكانياته أكثر منهم، وذلك مراعاة للمصلحة السياسية المتمثلة بتأليف القلوب.
لأن أحد مصارف الزكاة - حسب النص القرآني الكريم - يصرف لتأليف قلوب الذين يمكن أن يفيدوا النظام الإسلامي بنحو من الأنحاء وإن كانوا أثرياء. وهذا هو ما ظنه ذلك الجاهل " المتنسك " مخالفا للعدالة.
ب - إن من يستحق القتل بسبب إهانته للنبي وتحقق خطره على مستقبل العالم الإسلامي لا يأذن النبي (صلى الله عليه وآله) بقتله.
جاء في بعض الروايات أن سبب منعه هو أنه لم يرد أن يشاع في الناس أنه يقتل أصحابه، ولا جرم أن هذه القضية تعد مصلحة سياسية. وترشدنا هذه الحادثة إلى أن مراعاة المصالح السياسية - إذا تطلبت مصلحة النظام الإسلامي - مبدأ مقبول في الإسلام.