فأتاه رجل من شيعته فقال له: يا أمير المؤمنين، إن الله يعلم أني أدينه بحبك في السر كما أدينه بحبك في العلانية، وأتولاك في السر كما أتولاك في العلانية. فقال له أمير المؤمنين:
" صدقت. أما فاتخذ للفقر جلبابا... " قال: فولى الرجل وهو يبكي فرحا لقول أمير المؤمنين (عليه السلام): " صدقت ".
وقال الإمام الباقر (عليه السلام) أيضا: كان هناك رجل من الخوارج وصاحبا له قريبا من أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال أحدهما: تالله إن رأيت كاليوم قط! إنه أتاه رجل فقال له: إني أحبك، فقال له: صدقت، فقال له الآخر: ما أنكرت ذلك، أتجد بدا من أن إذا قيل له إني أحبك أن يقول صدقت؟! أتعلم أني أحبه؟ فقال: لا، قال: فأنا أقوم فأقول له مثل ما قال له الرجل، فيرد علي مثل ما رد عليه، قال: نعم.
فقام الرجل، فقال له مثل مقالة الرجل الأول. فنظر إليه مليا، ثم قال له:
" كذبت، لا والله ما تحبني ولا أحبك ".
فبكى الخارجي، ثم قال: يا أمير المؤمنين، تستقبلني بهذا وقد علم الله خلافه!... فلم يلبث أن خرج عليه أهل النهروان وأن خرج الرجل معهم فقتل (1).
الأئمة ومعرفة الناس عبرت الروايات المأثورة عن معرفة الناس بمفهومها العميق بالمعرفة عن طريق " التوسم " و " التفرس ". وتدل دراسة دقيقة لهذه الروايات على أن الإنسان يبلغ النورانية والبصيرة في مراحل الإيمان الرفيعة، فيستطيع أن يرى باطن الناس وضميرهم، ويكشف أسرارهم بنظرة إلى وجوههم.