تأليف قلوب الأعداء كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يهب قسما من غنائم الحرب لعدد من ألد أعداء الإسلام الذين كانوا قد أسلموا ظاهرا، حتى اعترض عليه طائفة من أصحابه، وقالوا:
" يغفر الله لرسول الله، يعطى قريشا ويدعنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم " (1).
قال ذلك أناس من الأنصار يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل.
فحدث رسول الله بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار... فلما اجتمعوا جاءهم...
فقال: ما حديث بلغني عنكم؟
فقال له فقهاء الأنصار: أما ذوو رأينا، يا رسول الله فلم يقولوا شيئا. وأما أناس منا حديثة أسنانهم... فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
" إني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون إلى رجالكم برسول الله؟! فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ".
فقالوا: بلى يا رسول الله، قد رضينا (2).
نلحظ هنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مارس أبلغ الفطنة والسياسة في مداراة الناس. فمن جهة عمل - بإعطاء الهدية - على تليين المتظاهرين بالإسلام الذين كانوا يشكلون خطرا عليه. ومن جهة أخرى كسب قلوب الموالين الذين لم يعطهم شيئا من الغنائم، عبر تعامله المفعم بالعاطفة معهم.