إن قرونا عديدة قد مرت على انفصال إمامة إمام الحق والعدل عن كيان الإسلام، بيد أن الثورة الإسلامية الإيرانية أفاضت بركاتها على المسلمين الواعين في العالم فأدركوا جيدا أن هذا الانفصال هو سبب جميع المفاسد الاجتماعية، وهو الباعث على انحطاطهم.
والأمر البالغ الأهمية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الإسلام هو تقصي جذور هذا الانفصال والانفصام، أي أن ندرك كيف انفصل مبدأ الإمامة عن الإسلام؟ ومن هم الذين فصلوا الدين عن السياسة، والقرآن عن العترة، والإسلام عن الإمامة؟
كيفية فصل الدين عن السياسة ينبغي أن نتلمس جواب ذلك في كتابات القرون الإسلامية الأولى، وفي تضاعيف كتب التاريخ والحديث والتفسير المدونة آنذاك. وتدلنا دراسة دقيقة لهذه الكتب على أن فصل الدين عن السياسة قد تحقق باسم الدين، وانتهى بتدميره وهجر القرآن والعترة. وقام الساسة المحترفون المتسلطون على العالم الإسلامي يومئذ باجتثاث جذر الإسلام الأصيل بمعول يسمى " الإسلام " وأبادوا أنصاره الحقيقيين.
وفي هذا المجال قدم المتولون الرسميون للشؤون الدينية ووعاظ السلاطين أكبر خدمة للطواغيت المتسلطين على البلاد الإسلامية. وليس هناك أفضل من أولئك الجهلة " المتنسكين " الذين باعوا دينهم بدنياهم من يستطيع أن يقنع الناس بأن السياسة مفصولة عن الإسلام، وأن عليهم - بحكم القرآن وأمر النبي (صلى الله عليه وآله) - أن يطيعوا كل مجرم يمسك زمام المجتمع الإسلامي بأي شكل كان.
كتب الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) رسالة إلى أحد وعاظ السلاطين في عصره، وهو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، قال له فيها:
" فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من إصلاح