الصلاة وغيرها من أمور الدين يجوز التقليد فيها - حسب مذهب أهل السنة - وذلك رفعا للحرج عن العامة الذين ليس في إمكانهم النظر في حقائق الدين نظرا يستدل به على تلك الحقائق ومعرفة الأحكام المتعلقة بها من الكتاب والسنة. يقول صاحب كتاب " الملل والنحل ": (وأما العامي فيجب عليه تقليد المجتهد. وإنما مذهبه فيما يسأله مذهب من يسأل عنه).
والإمامة عند الشيعة لا ينبغي التقليد فيها، بل يجب على كل مسلم حسب هذا المعتقد أن يكون هو الذي ينظر في الإمامة ويطلب الدليل عليها ويقيم الحجج لها، حتى تقع من قلبه وعقله موقع الإيمان...! " (1).
نلحظ أن الكاتب المذكور يسجل مؤاخذتين على المذهب الشيعي:
الأولى: لماذا يعتقد الشيعة أن الإمامة أصل من أصول الدين؟ والاخرى: لماذا لا يجيزون التقليد في الإمامة؟
أما الأولى فقد أجبنا عنها.
وأما الثانية، فالدليل عليها واضح، إذ أن التقليد يعني الإقرار برأي الآخرين دون طلب الدليل والبرهان، والعقل يأبى أن يجري الإنسان وراء أي كان في قضية مهمة كالإمامة والقيادة. وهي القضية التي يرتبط بها تحقيق الأهداف الربانية والقيم الإسلامية ارتباطا تاما.
وأثبت التاريخ الإسلامي حرمة التقليد في الإمامة، ويدرك المسلمون الواعون هذا اليوم جيدا أن أهم عامل يقف وراء ضلال المسلمين وانحطاطهم وتخلفهم هو التقليد في الإمامة، والخنوع لقيادة المفسدين الجائرين، ولو أراد المسلمون استعادة مجدهم وعظمتهم الحقيقية - التي توسمها لهم القرآن الكريم، ووعدهم بها نبيهم العظيم (صلى الله عليه وآله) - لكان عليهم لزاما أن يكونوا من اولي النظر والرأي الحصيف في مسألة