فسروا لفظ الهجران بالانقباض، وهو ما لا يليق بسيده نساء العالمين. وابنه سيد الأولين والآخرين. ويبقى السؤال: لأي شئ إذن كان الهجر؟ ويأتي الجواب من نفس تلك الروايات التي رددت لفظ الهجر، وأنه انما كان لطلب الميراث، وليس لشخص أبي بكر رضي الله عنه. أي أنها هجرت الكلام من مسأله الميراث. حتى لحقت أبيها (ص). قال الحافظ ابن حجر (قوله: فلم تزل مهاجرته). وفي رواية معمر: " فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت ". ووقع عند عمر بن شبه من وجه آخر عن معمر " فلم تكلمه في ذلك المال " وكذا نقل الترمذي عن بعض مشايخه: أن معنى قول فاطمة لأبي بكر وعمر " لا أكلمكما ". أي في هذا الميراث. ثم كم بقيت الزهراء على قيد الحياة بعد وفاة رسول الله (ص)، لم تكلم خلاله الصديق حتى يسمى ذلك هجرا؟ ذكرت الروايات: أن الزهراء، توفيت في الثالث من رمضان. أي أنها لم تعش ستة أشهر بعد أبيها.. وهذه الفترة لا يمكن تسميه عدم التلاقي فيها بين شخصين هجرانا وبخاصة بحق من كان في مثل وضع الزهراء فهي:
أولا: ملتزم بشرع الاسلام الذي جاء به أبوها. وفيه أمرهن - أهل البيت - بالقرار في بيوتهن.
ثانيا: أن أبا بكر رضي الله عنه ليس محرما لها، حتى يجتمع بها وتجتمع به في كل حال..
ثالثا: شغلت عن كل شئ بحزنها لفقدها أكرم الخلق، وهي مصيبة تزري بكل المصائب.