والثاني في مسنده. وابن سعد في الجزء الثاني من طبقاته. والمروزي في مسند أبي بكر. واستقصى الامام ابن كثير في البداية والنهاية في الجزء الخامس منه ص 285 و 291 طرق هذا الخبر وألفاظه، وأجاب بما يزيل اللبس ويقضي على الاشكال.
والملاحظ أن مدار الاسناد في هذا الخبر هو محمد بن مسلم. وهو من هو ثقة وفقيه، غير أنه من صغار التابعين وقوله في الخبر " فغضبت فاطمة أو وجدت فاطمة على أبي بكر ". إنما هو مجرد ظن منه حيث استنبط من عدم تكلمها أنها غضبت أو وجدت على الصديق. والاختلاف في الألفاظ لعله من تلاميذ الزهري الذي روى كل منهم ما سمعه من شيخه بمعناه، فوقع الاختلاف فيه ما يشبه الاضطراب. أما رواية أبي الطفيل في مسند أحمد وسنن أبي داوود فليس في طرقها ابن شهاب.
ثانيا: مسأله الغضب والوجد: قبل كل شئ: إن وقوع الغضب والهجران ليس منقصة ما دام لم يتعد حدوده وزمنه وأسبابه. فهذه أخلاق في طبيعة الانسان، لا يمكن أن ينعزل عنها أحد بأي حال حتى الرسل عليهم الصلاة والسلام. فقد غضب الرسول (ص) على أسامة حبه، حينما تشفع في حد من حدود الله. كذلك هجر إحدى أمهات المؤمنين شهورا حينما عيرت أخرى باليهودية. وقد قال لعلي وقد تغير لونه مرة: يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة. فإن الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها. بل إن من شمائل المصطفى (ص): أن يغضب لله تعالى ويرضى لرضاه. والنبي ذو العزم موسى عليه السلام، قال الله حكاية عنه (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) وغضبه كذلك على الرجل الصالح واضح في سورة الكهف.