شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٧ - الصفحة ٤٨٠
الزنديق المرتد المريد المستهدف للمصحف المجيد ونحوهم من الخلفاء والأئمة الذين يكون الاسلام بهم عزيزا، وهذا مما لا يتفوه به مسلم وسيعرف الناصب فيما سيأتي من مطاعن معاوية بأنه لم يكن من الخلفاء، بل كان من ملوك الاسلام، والملوك في أعمالهم لا يخلون عن المطاعن، فكيف يتمشى هذا التأويل عند الناصب ومن وافقه في الاعتراف بما ذكر، وأيضا يلزم أن يكون الأحكام المنوطة على آراء خلفاء الدين خصوصا عند الشافعي معطلة (1) بعد ثلاثمأة إلى زماننا هذا

(١) قال الغزالي في كتاب المقاصد بعد تجويز خلوا الخليفة عن العلم والاكتفاء برجوعه إلى العلماء العمل بقولهم: فإن قيل: إذا تسامحتم بخصلة العلم لزمكم التسامح بخصلة العدالة وغير ذلك من الخصال، قلنا: ليست هذه مسامحة عن الاختيار ولكن الضرورات تبيح المحذورات، فنحن نعلم أن تناول الميتة محذور ولكن الموت أشد منه، فليت شعري من لا يساعد على هذا ويقضي ببطلان الإمامة في عصرنا لفوات شروطها وهو عاجز عن الاستدلال بالمتصدى، بل هو فاقد للمتصف بشروطها، فأي أحواله أحسن أن يقول:
القضاة معزولون والولايات باطلة والأنكحة غير منعقدة وجميع تصرفات الولاة في أقطار العالم غير نافذ، وإنما الخلق كلهم مقدمون على الحرام؟ أو أن يقول: الإمامة منعقدة والتصرفات والولايات نافذة بحكم الحال والاضطرار، فهو بين ثلاثة أمور: لما أن يمنع الناس من الأنكحة والتصرفات المنوطة بالقضاة وهو مستحيل ومؤد إلى تعطيل المعاش كلها ويفضي إلى تشتت الآراء ويهلك الجماهير والدهماء وإما أن يقول: إنهم يقدمون على الأنكحة والتصرفات، لكنهم يقدمون على الحرام إلا أنه لا يحكم بفسقهم لضرورة الحال، وإما أن يقول يحكم بانعقاد الإمامة مع فوات شروطها لضرورة الحال، ومعلوم أن البعيد مع الأبعد قريب، وأهون الشرين خير بالإضافة، ويجب على العاقل اختياره، فهذا تحقيق الأمر وغايته، وإنما يثبت بطور الألف في سمعه، فلا يزال النفرة عن نقيضه في طبعه، إذ قطع الضعفاء عن المألوف شديد عجز عنه الأنبياء فكيف غيرهم، انتهى.
(ج 30)
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»
الفهرست