الحدائق عن أبي تراب الخطيب بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (1) إن الله قد خلق من نور وجه علي عليه السلام ملائكة يسبحونه ويقدسونه ويجعلون ثواب ذلك لعلي ولمحبيه، وأما محبته لله تعالى فهي معلومة لكل أحد من عباداته ومجاهداته ورفضه الدنيا وإعراضه عما سوى الله، وإقباله بكلاكله (2) على مولاه، ولو أردنا استقصاء بعض من ذلك لطال المطال وكثرت المقال، ولربما حصل لبعض الملال، ولقد اتضح بما قررناه بطلان ما ذكره الناصب الشقي: من أن الحديث لا يدل على النص، إلى آخره، وذلك لما عرفت: من أنه دال على الأفضلية، لدلالته على أنه عليه السلام أحب إلى الله من كل المخلوقات، وأما عدم كونه عليه السلام أحب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد علم من خارج، وهو انعقاد الاجماع على أنه عليه السلام أحب إلى الله تعالى من جميع المخلوقات بلا استثناء، فهو صلى الله عليه وآله وسلم مستثنى بالاجماع، وبقرينة السؤال، وأما الملائكة فليس شئ يخرجهم عن هذا الحكم، فيكون هو عليه السلام أحب منهم، وأجاب صاحب المواقف بأن الحديث لا يفيد كون علي عليه السلام أحب إلى الله تعالى في كل شئ لصحة التقسيم، وإدخال لفظ الكل والبعض، ألا يرى أنه يصح أن يستفسر ويقال: أحب خلقه إليه في كل شئ أو في بعض الأشياء، وحينئذ جاز أن يكون أكثر ثوابا في شئ دون آخر، فلا يدل على الأفضلية مطلقا، وفيه أن قوله عليه السلام: أحب لفظ عام أو مطلق، فمن خصه أو قيده بوقت دون وقت وببعض الأشياء دون بعض، فعليه الدليل، لأن العام والمطلق لا يخص ولا يقيد بالاقتراح، بل يخص أو يقيد بالدليل، ودون ذلك خرط القتاد، وأيضا على هذا التقدير لا فائدة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ايتني بأحب خلقك، لأن كل مسلم أحب عند الله من وجه وفي وقت دون وقت، وأيضا يتوجه عليه ما قاله بعض أصحابنا: من أن مثل هذا البحث يجري في استدلالهم
(٤٥٦)