مدينة العلم والحكمة والجنة التي لا يدخل إليها إلا منه، وكذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلا من الباب ويشير إليه الآية أيضا كما ذكرناه، وفيه دليل على عصمته وهو الظاهر، لأنه عليه السلام أمر بالاقتداء به في العلوم على الاطلاق، فيجب أن يكون مأمونا عن الخطأ ويدل على أنه إمام الأمة لأنه الباب لتلك العلوم، ويؤيد ذلك ما عليم من اختلاف الأمة، ورجوع بعض إلى بعض وغنائه عليه السلام عنهما، ويدل أيضا على ولايته عليه السلام وإمامته، وإنه لا يصح أخذ العلم والحكمة ودخول الجنة في حياته صلى الله عليه وآله وسلم إلا من قبله، ورواية العلم والحكمة إلا عنه لقوله تعالى: فأتوا البيوت من أبوابها، حيث كان عليه السلام هو الباب والله در القابل:
مدينة علم وابن عمك بابها * فمن غير ذاك الباب لم يؤت سورها ويدل أيضا على أن من أخذ شيئا من هذه العلوم والحكمة التي احتوى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غير جهة علي عليه السلام، كان عاصيا كالسارق والمتسور، لأن السارق والمتسور إذا دخلا من غير الباب المأمور بها ووصلا إلى بغيتهما كانا غاصبين، وقوله عليه السلام فمن أراد العلم فليأت الباب، ليس مراد به التخيير، بل المراد الايجاب والتهديد، كقوله عز وجل: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والدليل على ذلك أنه ليس ههنا نبي غير محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو مدينة العلم ودار الحكمة، فيكون العالم مخيرا بين الأخذ من أحدهما دون الآخر. وفقد ذلك دليل على إيجابه، وإنه فرض لازم، والحمد لله، وأما ما ذكره الناصب من أنه لا يجب أن يكون الأعلم خليفة، فقد عرفت فساده مما ذكرناه ههنا وفيما مر وأما ما ذكره من أنه يكفي الأحفظ للحوزة والأصلح للأمة، فقد مر بيان عدم تحقق الأحفظية بدون الأعلمية، ومنع أن أبا بكر كان أحفظ وأصلح، وما ذكره: من أنه لو لم يكن أبو بكر أصلح، لما اختاروه كما مر، فقد مر ما فيه من بطلان ثبوت الإمامة بالاختيار سيما اختيار بعض الأمة كما عرفته، ومن جملة تعصبات ابن حجر المتأخر الناشية عن حماقته أنه منع صحة الحديث أولا، ثم قال: وعلى تسليم صحته أو حسنه فأبو بكر محرابها،