مناظرة بهلول بن عمر والعارف العاقل المعروف مع عمر بن عطاء العدوي، في إمامة علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: ما خاطب البهلول بقوله: ما الفضل إلا فيك؟
وما العقل إلا من عندك؟ والمجنون من سماك مجنونا، لا إله إلا الله، لقد رزق الله علي بن أبي طالب عليهم السلام لب كل ذي لب، فقد ثبت من الكتاب والسنة، وكلام أكابر الأمة وجود المحبة وثبوتها، غير أنها وإن اشترك اسمها في الاطلاق، لكنها يختلف باختلاف المتعلق، فمحبة الله لعبده تخصيصه بإنعام مخصوص، يكون سببا لتقريبه وإزلافه من محال الطهارة والقدس، وقطع شواغله عما سواه، وتطهير باطنه عن كدورات الدنيا، ورفع الحجاب حتى يشاهد في جميع الأشياء، ويشهد أن جميع الأشياء بالحق قائمة وأن وجوده وجوده، ولا وجود لشئ إلا بنحو من الانتساب كما استعذبه ذوق المتألهين من الحكماء أيضا، فيأخذ بالله، ويعطي بالله، ويحب الله، ويبغض الله، وهذا سر لا إله إله الله، وحقيقة لا حول ولا قولة إلا بالله، فهذه إلا رادة هي المحبة وإن كانت إرادته لعبده أن يختصه بمقام من الأنعام دون هذا المقام كإرادته ثوابه ودفع عقابه، وهذا الإرادة هي الرحمة، فالمحبة أعم من الرحمة، وأما محبة العبد لله تعالى، فهي ميله إلى نيل هذا الكمال وإرادته الوصول إلى هذا المقام الذي يتسابق إليه الرجال وتتهافت على التحلي به همم الأبطال، وإذ قد عرفت محبة الرب ومحبة العبد، وانقدت الناس، عرفت أن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس لأحد هذا المقام، إلا لأمير المؤمنين عليه آلاف التحية والثناء بيان ذلك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لما علم اتصاف علي بهذه الصفة (المحاسن خ ل) من الجانبين وكانت أمرا معنويا لا يدرك إلا بإظهار أمر محسوس من لوازمها، يشهد ذلك الأمر لمن اتصف به باتصافه بتلك المحبة أثبتها صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام بأمرين: أحدهما فتح خيبر، فجمع صلى الله عليه وآله وسلم في وصفه بين المحبة والفتح، بحيث يظهر لكل أحد صورة الفتح ويدركه بحس البصر، فلا يبقى عنده تردد في اتصافه بالصفة المعنوية المقرونة