أن يكون عمل علي عليه السلام أكثر من غيره، واعلم: أن المحبة مرتبة علية ودرجة سنية هي من صفات الله سبحانه حقيقة يعبر عنها المتكلم بالإرادة، والحكيم بالعناية، وأهل الذوق بالعشق، وقد فاض شئ من رحيق كأسها بحسب الاستعدادات والقوابل من الحق على الخلق، فكل بها يطلب العود إلى مبدئه، ومن خلا منها فهو من المطرودين الذين رضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها، فهم كالأرض الساكنة التي لا حراك بها، وبتلك المحبة حركة الأفلاك والأملاك والعقول والنفوس والأرواح والقوى والعناصر والمواليد الثلاثة طلبا للكمال، واهتزازا من مشاهدة الجمال، ورجاء للتخلص عن قيد التشخص والسير إنما هو على أقدام الاقدام بها، والطيران إنما هو بأجنحة اجتلاء (امتلاء خ ل) القلوب عنها، والكتاب السماوية والآيات الربانية والأحاديث النبوية تشهد بثبوتها ووجودها، قال تعالى: فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، وقال: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وقال: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، وقال الله تعالى: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، وقال تعالى: وألقيت عليك محبة مني، وروت الثقات: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عن الله تعالى أنه قال: لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يأخذ، وبي يعطي، وبي يقوم، وبي يقعد، وإذا سألني أعطيته وإذا استعاذني استعذته، وقال صلى الله عليه وآله وسلم، إذا أحب الله عبدا دعا جبرئيل فقال له: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبرئيل فينادي في السماء، إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه من في السماء، ثم يوضع له القبول في العناصر فما يتركب منها شئ إلا أحبه، ولهذا روي في المشهور أنه لما رأى محمد بن سليمان العباسي (1) حسن
(٤٥٣)