الكمال كما مر على التفصيل في تفسير قوله تعالى: أنفسنا وأنفسكم الآية، وقد فسر بما يدل على ذلك في جملة حديث رواه ابن حجر في صواعقه يتضمن شكاية بريدة عن علي عليه السلام عند العود معه من اليمن، وهو قوله عليه السلام: إن عليا مني وأنا منه (1)، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم (إنتهى) فإن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: خلق من طينتي بمنزلة تفسير لقوله: عليا مني وأنا منه كما لا يخفى، وحاصله ما ذكرنا من الجنسية والمماثلة والمشابهة المطلقة والمماثلة، ومن ثبت له الجنسية والمماثلة والمشابهة المطلقة بخير البشر كان الاتباع له والاقتداء به أوجب وأفرض، وفي كونه عليه الصلاة والسلام مماثلا ومجانسا له أدل دليل على أنه أولى بمقامه من جميع الخلائق كما لا يخفى، فلخصوصية إرادة الجنسية الموجودة في خطاب علي عليه السلام المفقودة في خطاب الأشعريين، لم يصيروا خلفاء ولا ادعوا ذلك، وإلا لكان أقل ما يجب على الأمة أن يدخلوا بعضهم في الشورى فافهم، ويدل على أن الفضيلة التامة في إطلاق العبارة المفيدة للجنسية أنه لم يطلق ذلك مرة على أحد من عمه عباس وجعفر وعقيل وغيرهم من رجال أهل بيته، ولا على أبي بكر وعمر وعثمان الذين كانوا أقرب إلى الرسول من الأشعريين بالاتفاق، ويدل على ما ذكرناه أيضا ما رواه أحمد في مسنده والثعلبي في تفسيره من قول جبرئيل في قصة البراءة: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فإنا نعلم ضرورة أن المعنى المستفاد من كلمة من (مني خ ل).
ههنا ليس المعنى المستفاد من قوله للأشعريين: فهم مني، ولو كان المراد منه ما أريد في خطاب الأشعريين من المشابهة والقرب في الجملة، لما دل قوله: رجل منك على وجوب عزل أبي بكر ونصب علي عليه السلام، لصدق أن أبا بكر رجل من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمعنى الحاصل للأشعريين، وإلا لزم الازراء بجلالة قدر أبي بكر عند