أن يكون فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده، ولا يقال: الجرح مقدم على التعديل:
لأن ذلك فيما إذا كان الجراح ثابتا مفسر السبب وإلا فلا يقبل الجرح إذا لم يكن كذا، وقد قال الإمام أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغدادي وغيره إن ما احتج به البخاري ومسلم وأبو داوود من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم، محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسر السبب (إنتهى) ومما يناسب التنبيه عليه في هذا المقام، أن اعتقادهم لصحة جميع ما في جامعي البخاري ومسلم ناش عن محض التعصب أو الحماقة يدل على ذلك ما ذكره ابن حجر العسقلاني في مقدمة شرحه على البخاري في الفصل التاسع في سياق أسماء من طعن فيه من رجال هذا الكتاب، حيث قال: ينبغي أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راو كان مقتض لعدالته عنده، وصحة ضبطه وعدم غفلته، ولا سيما ما انضاف إلى ذلك من إطلاق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيح، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما (إنتهى) ووجه الحماقة فيه ظاهر، لأنه لما ادعى (1) البخاري جمع الأحاديث الصحاح في كتابه، وسمى هو كتابه بالصحيح، لزم الجمهور ذلك الاطلاق وتسمية عرفا وعادة، وإن كان ما فيه سقيما، فإن العرف قد جرى بأن واحدا منا إذا سمى عبده الزنجي مثلا بالكافور، وافقه الجمهور في ذلك الاطلاق وسموه به مع علمهم بأنه من تسمية الشئ باسم ضده، ولهذا ترى فقهاء أهل السنة مع حكمهم بحرمة علم المنطق وأقسام حكمة الفلاسفة والحكم بكفرهم، يعبرون عن كتابي