قال: وخبر الطائر والمنزلة والغدير وغيرها.
أقول: هذا وجه ثاني وعشرون، وتقريره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر في مواضع كثيرة ببيان فضله وزيادة كماله على غيره ونص على إمامته:
(منها) ما ورد في خبر الطائر وهو أنه قال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي بن أبي طالب عليه السلام فأكل معه، وفي رواية:
اللهم أدخل إلي أحب أهل الأرض إليك، رواه أنس وسعد بن أبي وقاص وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عباس، وعول أبو جعفر الإسكافي وأبو عبد الله البصري على هذا الحديث في أنه عليه السلام أفضل من غيره وادعى أبو عبد الله شهرة هذا الحديث وظهوره بين الصحابة ولم ينكره أحد منهم فيكون متواترا.
(ومنها) خبر المنزلة وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وقد كان هارون أفضل أهل زمانه عند أخيه فكذا علي عليه السلام عند محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
(ومنها) خبر الغدير وهو قوله صلى الله عليه وآله لما خطب الناس بغدير خم في عوده من حجة الوداع: معاشر المسلمين ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فأخذ بيد علي عليه السلام وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق مع علي كيف ما دار، وقد بينا أن المراد بالمولى هاهنا الأولى بالتصرف، وإذا كان علي عليه السلام أولى من كل أحد بالتصرف في نفسه كان أفضل منهم قطعا. اعترض بعضهم على هذا بجواز أن يكون المراد به الولاء لأنه وقع مشاجرة بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين زيد بن حارثة فقال له علي عليه السلام: أنت مولاي، فقال زيد: أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولست بمولاك، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه.
والجواب من وجوه: الأول: ما ذكره أبو عبد الله البصري وهو أنه لا اختصاص لعلي عليه السلام بالولاء دون غيره من أقارب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز حمله على هذا المعنى. الثاني: ما ذكره أبو عبد الله أيضا وهو أن عمر قال له بعد هذا الحديث: هنيئا