أشار على عمر بالتخلف عن حرب الروم والفرس وبعث نوابه، وأشار على عثمان بما فيه صلاحه وصلاح المسلمين فخالفه حتى قتل فيكون أفضل من غيره.
قال: وأكثرهم حرصا على إقامة حدود الله تعالى.
أقول: هذا وجه ثاني عشر، وتقريره أن عليا عليه السلام كان أكثر الناس حرصا على إقامة حدود الله تعالى، لم يراقب في ذلك أحدا ولم يلتفت إلى قرابة بل كان شديد السياسة (1) خشنا في ذات الله تعالى، لم يراقب ابن عمه ولا أخاه، ونقض دار مصقلة بن هبيرة ودار جرير بن عبد الله البجلي وصلب جماعة وقطع آخرين، ولم يساوه في ذلك أحد من الصحابة فيكون أفضل من غيره.
قال: وأحفظهم للكتاب العزيز.
أقول: هذا وجه ثالث عشر وهو أن عليا عليه السلام كان يحفظ كتاب الله تعالى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن أحد يحفظه وهو أول من جمعه، ونقل الجمهور أنه تأخر عن البيعة بسبب اشتغاله بجمع القرآن العظيم، وأئمة القراء يسندون قراءاتهم إليه كأبي عمرو بن أبي العلاء وعاصم وغيرهما لأنهم يرجعون إلى أبي عبد الرحمن السلمي وهو تلميذه عليه السلام فيكون أفضل من غيره.
قال: ولإخباره بالغيب.
أقول: هذا وجه رابع عشر، وتقريره أن عليا عليه السلام أخبر بالغيب في مواضع كثيرة، ولم تحصل هذه المرتبة لأحد من الصحابة فيكون أفضل منهم قطعا، وذلك كإخباره بقتل ذي الثدية ولما لم يجده أصحابه بين القتلى قال: والله ما كذبت ولا كذبت، فاعتبرهم عليه السلام حتى وجده وشق قميصه (2) ووجد على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات تنحدر (3) كتفه مع جذبها وترجع مع تركها.