عنهما والتوجه إلى الله تعالى يدل على قوة كماله، (وأما ثانيا) فلأن طبائع الصبيان منافية للنظر في الأمور العقلية والتكاليف الإلهية وملائمة للعب واللهو، فإعراض الصبي عما يلائم طباعه إلى ما ينافره يدل على عظم منزلته في الكمال، فثبت بذلك أن عليا عليه السلام كان أقدمهم إيمانا فيكون أفضل لقوله تعالى: (والسابقون السابقون أولئك المقربون).
قال: وأفصحهم (1).
أقول: هذا دليل عاشر، وتقريره أن عليا عليه السلام كان أبلغ الناس في الفصاحة وأعظمهم منزلة فيها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال البلغاء كافة: إن كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق، ومنه تعلم الناس أصناف البلاغة حتى قال معاوية: ما سن الفصاحة لقريش غيره. وقال ابن نباتة (2): حفظت من خطبه مائة خطبة. وقال عبد الحميد بن يحيى: حفظت سبعين خطبة من خطبه.
قال: وأسدهم رأيا.
أقول: هذا دليل حادي عشر، وتقريره أن عليا عليه السلام كان أسد الناس رأيا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجودهم تدبيرا وأعرفهم بمزايا الأمور (3) ومواقعها، وهو الذي