أشرف بناته، وكان لها من المنزلة والقرب من قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مبلغ عظيم وكان يعظمها حتى أنه كان إذا جاءت إليه نهض لها قائما ولم يفعل ذلك بأحد من النساء (1)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سيدة نساء العالمين في الجنة أربع وعد منهن فاطمة عليها السلام.
ومنها: الأولاد ولم يحصل لأحد من المسلمين مثل أولاده في الشرف والكمال، فإن الحسن والحسين عليهما السلام إمامان سيدا شباب أهل الجنة، وكان حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهما في الغاية حتى أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يتطأطأ لهما ليركباه ويبعبع لهما ثم أولد كل واحد منهما عليهما السلام أولادا بلغوا في الشرف إلى الغاية فالحسن عليه السلام أولد مثل الحسن المثنى والمثلث وعبد الله بن الحسن المثنى والنفس الزكية وغيرهم وأولد الحسين عليه السلام مثل زين العابدين والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة، وقد نشروا من العلم والفضل والزهد والانقطاع والترك شيئا عظيما حتى أن الفضلاء من المشايخ كانوا يفتخرون بخدمتهم عليهم السلام فأبو يزيد البسطامي كان يفتخر بأنه يسقي الماء (2) لدار جعفر الصادق عليه السلام، ومعروف الكرخي أسلم على يدي الرضا عليه السلام وكان بواب داره إلى أن مات، وكان أكثر الفضلاء يفتخرون بالانتساب إليهم في العلم فإن مالكا كان إذا سئل في الدرب عن مسألة لم يجب السائل فقيل له في ذلك فقال: إني أخذت العلم من جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام وكنت إذا أتيت إليه لأستفيد منه نهض ولبس أفخر ثيابه وتطيب وجلس في أعلى منزله وحمد الله تعالى وأفادني شيئا.
واستفادة أبي حنيفة من الصادق عليه السلام ظاهرة غنية عن البرهان، وهذه الفضائل لم تحصل لأحد من الصحابة فيكون علي عليه السلام أفضل منهم.