وقال له أصحابه: إن أهل النهروان قد عبروا، فقال عليه السلام: لم يعبروا، فأخبروه مرة ثانية فقال: لم يعبروا، فقال جندب بن عبد الله الأزدي في نفسه: إن وجدت القوم قد عبروا كنت أول من يقاتله فلما وصلنا النهر لم نجدهم عبروا، فقال عليه السلام:
يا أخا الأزد أتبين لك الأمر، وذلك يدل على اطلاعه على ما في ضميره.
وأخبر عليه السلام بقتل نفسه في شهر رمضان وبولاية الحجاج وانتقامه وبقطع يد جويرية بن مسهر ورجله وصلبه على جذع ففعل به ذلك في أيام معاوية، وبصلب ميثم التمار على باب عمرو بن حريث عاشر عشرة وأراه النخلة التي يصلب على جذعها فكان كما قال، وبذبح قنبر فذبحه الحجاج.
وقيل له: قد مات خالد بن عرفطة بوادي القرى، فقال: لم يمت ولا يموت حتى يقود جيش ضلالة صاحب رايته حبيب بن جماز، فقام رجل من تحت المنبر فقال: والله إني لك لمحب وأنا حبيب، قال: إياك أن تحملها ولتحملنها فتدخل بها من هذا الباب، وأومأ إلى باب الفيل فلما بعث ابن زياد عمر بن سعد إلى قتال الحسين عليه السلام جعل على مقدمته خالدا وحبيب صاحب رايته فسار بها حتى دخل المسجد من باب الفيل. وقال عليه السلام يوما على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فئة تضل (1) مائة وتهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وسائقها إلى يوم القيامة، فقام إليه رجل فقال: أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لقد حدثني خليلي بما سألت عنه وأن على كل طاقة شعر في رأسك ملكا يلعنك وعلى كل طاقة شعر في لحيتك شيطانا يستفزك وأن في بيتك لسخلا يقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان تولى قتله، والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصى نقلها المخالف والمؤالف.
قال: واستجابة دعائه.