من نفعهم بغيره فيكون ثوابه أكثر وفضله أعظم، بيان المقدمة الأولى ما تقدم من كثرة حروبه وشدة بلائه في الاسلام وفتح الله البلاد على يديه وقوة شوكة الاسلام به حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الأحزاب: لضربة علي خير من عبادة الثقلين، وبلغ في الزهد مرتبة لم يلحقها أحد بعده واستفاد الناس منه طرائق الرياضة والترك للدنيا والانقطاع إلى الله تعالى، وكذا في السخاوة وحسن الخلق والعبادة والتهجد، وأما العلم فظاهر استناد كافة العلماء إليه واستفادتهم منه وعاش بعد أبي بكر زمانا طويلا يفيد الناس الكمالات النفسانية والبدنية وابتلي بما لم يحصل لغيره من المشاق.
قال: وتميزه بالكمالات النفسانية والبدنية والخارجية.
أقول: هذا وجه خامس وعشرون، وتقريره أن الكمالات إما نفسانية وإما بدنية وإما خارجية، أما الكمالات النفسانية والبدنية فقد بينا بلوغه فيها إلى الغاية إذ كان العلم والزهد والشجاعة والسخاء وحسن الخلق والعفة فيه أبلغ من غيره بل لا يجاريه في واحد منها أحد، وبلغ في القوة البدنية والشدة مبلغا لا يساويه أحد حتى قيل: إنه عليه السلام كان يقط الهام قط الأقلام لم يخط في ضربه قط ولم يحتج إلى المعاودة، وقلع باب خيبر وقد عجز عن نقلها سبعون رجلا من أشد الناس قوة مع أنه عليه السلام كان قليل الغذاء جدا بأخشن مأكل وملبس كثير الصوم مداوم العبادة.
وأما الخارجية فمنها: النسب الشريف الذي لا يساويه أحد في القرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه كان أقرب الناس إليه، فإن العباس كان عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأب خاصة وعلي عليه السلام كان ابن عمه من الأب والأم ومع ذلك فإنه كان هاشميا من الأب والأم لأنه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم.
ومنها: المصاهرة ولم يحصل لأحد ما حصل له منها فإنه زوج سيدة نساء العالمين، وعثمان وإن شاركه في كونه ختنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن فاطمة عليها السلام