والتحقيق هنا أن نقول: إن الاعتقاد أحد قسمي العلم، وذلك لأنا قد بينا أن العلم يقال على التصور وعلى التصديق كأنه جنس لهما، والاعتقاد هو التصديق وهو قسم من قسمي العلم.
قال: فيتعاكسان في العموم والخصوص.
أقول: هذا نتيجة ما مضى، والذي نفهم منه أن الاعتقاد قد ظهر أنه أحد قسمي العلم فهو أخص منه بهذا الاعتبار، لأن العلم شامل للتصور والتصديق الذي هو الاعتقاد، والاعتقاد باعتبار آخر أعم من العلم لأنه شامل للظن والجهل المركب واعتقاد المقلد. فهذا ما ظهر لنا من قوله: فيتعاكسان أي الاعتقاد والعلم في العموم والخصوص.
واعلم أن لنا في هذا الكلام على هذا التفسير نظرا، وذلك لأن الاعتقاد أنما يكون قسما من العلم لو أخذ العلم التصديقي بالاعتبار الأعم الشامل للعلم بمعنى اليقين والظن والجهل المركب واعتقاد المقلد، وحينئذ لا يتم التعاكس لأن الاعتقاد لا يكون أعم من العلم بهذا الاعتبار فالواجب أن يراد باعتبار اصطلاحين أو ما يؤدي معناه.
قال: ويقع فيه التضاد بخلاف العلم.
أقول: إعلم أن الاعتقاد منه ما هو متماثل ومنه ما هو مختلف، والمختلف على قسمين متضاد وغير متضاد، وهذا ظاهر لكن وجه التضاد عند أبي علي الجبائي تعلقه بالضدين فحكم بتضاد اعتقادي الضدين، وقال به أبو هاشم أولا ثم حكم بأن تضاده أنما هو لتعلقه بالايجاب والسلب لا غير، أما العلم فلا يقع فيه تضاد لوجوب المطابقة فيه.
قال: والسهو عدم ملكة العلم (1) وقد يفرق بينه وبين النسيان.