طرف الوجود، ثم إذا عدم أحدها لم تلتئم تلك الأمور فلا تحصل الماهية، فيكون عدم أي جزء كان من تلك الأمور علة لعدم المركب، والعلة متقدمة على المعلول، فكل واحد من تلك الأمور موصوف بالتقدم في طرف العدم أيضا، فقد ظهر أن جزء الحقيقة (1) متقدم عليها في الوجود والعدم، ثم إن الذهن مطابق للخارج فيجب أن يحكم بالتقدم في الوجود الذهني والعدم الذهني فقد تحقق أن المركب أنما يتركب عما يتقدمه وجودا وعدما بالقياس إلى الذهن والخارج.
إذا عرفت هذا فنقول: هذا التقدم (2) الذي هو من خواص الجزء يستلزم استغناء الجزء عن السبب الجديد (3)، لسنا نقول: إنه يكون مستغنيا عن مطلق السبب، فإن فاعل الجزء هو فاعل الكل (4)، وذلك لأن المتقدم لا يعقل احتياجه إلى علة متأخرة عن المتأخر عنه، بل ولا خارجة عن علة المركب، فإن علة كل جزء داخلة في علة الكل، فإذا اعتبر هذا التقدم بالنسبة إلى الذهن فهو البين، وإذا اعتبر بالنسبة إلى الخارج فهو الغنى عن السبب، وهذه الخاصة أعم من الخاصة الأولى لأن الأولى هي الحصول الموصوف بالتقدم (5) والثانية هي الحصول المطلق (6)، ولهذا قيل: لا يلزم من كون الوصف بين الثبوت للشئ وكونه غنيا عن