كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الآملي) - العلامة الحلي - الصفحة ١٣٣
ممكن على الإطلاق فإنه محتاج إلى السبب، فالحاجة ثابتة في كل واحد منهما.
وقد منع بعض الناس احتياج البسيط إلى المؤثر، لأن علة الحاجة أنما هي الإمكان وهو أمر نسبي أنما يعرض لمنتسبين، فما لم تتحقق الاثنينية لم تتحقق الحاجة، ولا اثنينية في البسيط فلا احتياج له.
والجواب: أن الإمكان أمر عقلي يعرض لمنتسبين عقليين هما الماهية والوجود وتتحقق باعتباره الحاجة لكل واحد منهما إلى المؤثر.
قال: وهما قد يقومان بأنفسهما (1) وقد يفتقران إلى المحل.
أقول: كل واحد من البسيط والمركب قد يكون قائما بنفسه كالجوهر والحيوان، وقد يكون مفتقرا إلى المحل كالكيف والسواد وهما ظاهران، إذا عرفت هذا فالمركب من الأول لا بد وأن يكون أحد أجزائه قائما بنفسه والآخر قائما به، والمركب من الثاني لا بد وأن يكون جميع أجزائه محتاجا إلى المحل، إما إلى ماحل فيه المركب أو البعض إليه والباقي إلى ذلك البعض.
قال: والمركب أنما يتركب عما يتقدمه وجودا وعدما بالقياس إلى الذهن والخارج وهو علة الغنى عن السبب (2) فباعتبار الذهن بين وباعتبار الخارج غني، فتحصل خواص ثلاث، واحدة متعاكسة واثنتان أعم.
أقول: المركب هو الذي تلتئم ماهيته عن عدة أمور، فبالضرورة يكون تحققه متوقفا على تحقق تلك الأمور، والمتوقف على الغير متأخر عنه فالمركب متأخر عن تلك الأمور فيتأخر عن كل واحد منها، فكل واحد منها موصوف بالتقدم في

(1) أنت بما قدمنا من معاني البسيط تدري أن بعض البسائط كالجوهر قائم بنفسه، وبعضه كالكيف مفتقر إلى المحل، ثم أن الحيوان والسواد في الشرح مثالان للمركب، أما الحيوان فظاهر، وأما السواد فباعتبار أن اللون جنس له وقابض نور البصر فصل له. وقوله: لا بد وأن يكون أحد أجزائه قائما بنفسه، كالناطق في الحيوان.
(2) أي تقدم الأجزاء على الماهية المركبة، فالضمير راجع إلى المصدر المستفاد من قوله: عما يتقدم.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست