ومع مكانته العلمية فانه - رضوان الله عليه - ما كان يقدم محاضراته لطلابه إلا ويعد لها، ويكتبها ويعلق عليها ما يمكن أن يقال فيها من نقض وإبرام قبل أن يباحثها، ويقدمها لطلابه.
والخصلة الأخرى التي كان يتبعها مع رواد مجلسه من أهل الفضل والعلم، وخاصة تلاميذه أن المسائل التي يستفتى بها، في الغالب يطرحها للمناقشة والمذاكرة، ويحرص على أن يعرف رأي كل واحد من الحاضرين فيها، وهو بذلك يستفيد أمرين:
الأول - الاطلاع على مقدراتهم العلمية، وأفكارهم من خلال المناقشات التي تدور بين الحاضرين حول المسائل المستفسر عنها.
الثاني - لعل في آرائهم وأفكارهم شيئا جديدا يستفيده منهم، ولم يخطر بباله، وهذه منتهى الدقة العلمية ().
ومما ينقل أنه كان يظهر الاهتمام الكثير بحلقة درسه أمام بعض خاصته، لأنها تضم عددا كبيرا من أهل الفضل والعلم، حتى حكي عنه أنه قال مرة لأحد المقربين له: بأن حوزة درسنا أحسن من حوزة درس شيخنا الأنصاري ().
وترى بعض المصادر: أن عددا كبيرا من الأئمة والأعلام قد تخرجوا على يده، فقد ربي خلقا كثيرا، منهم جماعة من المجتهدين وصلوا لمنصب الزعامة والتقليد والرئاسة العامة من بعده، حتى قيل: أنه اتفق له من هذا القبيل ما لم يتفق لشيخه الأنصاري ().
ولكن المرحوم السيد الأمين يرى أن الذين تخرجوا على الشيخ الأنصاري من فحول العلماء يعسر عدهم، مع امتياز الشيخ الأنصاري بكثرة التأليف. لأن الشيخ الأنصاري لم يكن له من مشاغل الرئاسة ما كان للمترجم التي صدته عن