القسم - في المعنى الثاني، إنما هو بملاحظة المعنى الأصلي، والعلاقة بينه وبين المعنى الثاني، بخلاف استعماله - فيه - في المنقول.
مردود: بأن ذلك إنما هو بيان الفرق المعنوي، وبحسب الواقع، ولا يترتب عليه ثمرة عملية، كما هو المدعى.
هذا مضافا إلى ما في الفرق الأول، فإنه بعد فرض ظهور اللفظ مجردا عن القرينة - في المعنى الثاني - كيف يصح استعمال اللفظ في المعنى الأول بدونها.
الثالث: من مواقع النظر، ما اختاره من القسم الخامس، إذ لا ريب أنه لا يمكن وصول اللفظ إلى حد الحقيقة بالنسبة إلى المعنى الثاني، بسبب غلبة الاستعمال، مع بقاء وضعه للمعنى الأصلي، لأن غلبة الاستعمال إنما توجب حصول العلقة الوضعية بين اللفظ وبين المعنى الثاني، لأجل تضعيفها العلقة الوضعية الأولية الحاصلة بينه وبين المعنى الأصلي، لا إلى حد ترتفع تلك العلقة بالمرة - فمع بقائها - لا يمكن حصول العلقة الثانية.
ثم إن ذلك - على تسليمه - لا تظهر الثمرة العملية بينه وبين القسم الثاني، كما لا يخفى.
والحاصل أن سبب الاشتراك منحصر في الوضع التعيني دون التعييني.
وكيف كان، فالحق ما ذهب إليه المشهور من حصر المجاز المشهور في الثلاثة، وهي القسم الأول، والثاني، والرابع الذي هو المنقول.
ثم إنه تظهر الثمرة بين الأقسام الثلاثة بالنسبة إلى غير المشافه في الخطابات الغيبية، لأن المشافه لا يكون اللفظ مجملا عنده في شيء من الأقسام، فإنه يجب على المتكلم نصب القرينة على تعيين المراد، إذا كان اللفظ بنفسه لا يفيده.
إيقاظ: - قد عرفت أنهم أوردوا على كون التبادر علامة للوضع بالمجاز المشهور، ولا يخفى أن ذلك يشكل على مذهب المشهور في المجاز المشهور، من التوقف، فإنهم إن كانوا متسالمين على تبادر المعنى المجازي وسبقه من اللفظ إلى الذهن، فلا وجه للتوقف، بل لا بد من حمله على المجاز، كما فعله أبو يونس، وإن كانوا مانعين من حصول ذلك التبادر، فلا وجه للنقض، إذ لا تبادر - حينئذ - بالنسبة إلى المعنى المجازي، حتى يرد النقض به.
ويمكن دفعه بوجهين: