الثالث: فحوى أخبار الترجيح في تعارض الخبرين في نفس الأحكام، فإن الطرق أولى بذلك. هذه وجوه ادعوها.
لكن للنفس في كل منها تأمل:
أما الأول: فلأنه لم يعلم من حال العرف والعقلاء ذلك كلية.
وأما العلماء فإنا نراهم قد يعملون بالمرجح، كما في الأحكام الشرعية، وقد لا يعملون به، كما في الشهادات والبينات، ولم يعلم كون العمل بالمرجح أصلا، وخروج البينات عنه لاحتمال العكس.
وأما الوجه الثاني: فلأنه لا حجية فيه، ولا يحصل منه القطع بحصول الإجماع أيضا لقلة الناقلين له.
وأما الثالث: فهو وجه اعتباري فيه مناقشات من وجوه شتى.
بقي في المقام شيء، وهو أن السيد محمد (قدس سره) صاحب المفاتيح (1) قد ادعى دعويين:
أولاهما: أنه إذا وقع التعارض بين أقوال النقلة، فإن كان أحدهما خاصا والآخر عاما يخصص العام منهما بالخاص ويحمل عليه.
وثانيتهما: أنه إذا نقل لغوي معنى للفظ، ولغوي آخر معنى آخر مباينا لذلك المعنى، واحتمل أن يكون نقل كل منهما المعنى المباين للمعنى الآخر الذي ينقله الآخر من باب أن اللفظ مشترك بين المعنيين، ويحتمل أن يكون اللفظ متحد المعنى، ويكون نقل كل معنى من باب انحصار المعنى فيه، ونفي المعنى الآخر للفظ، فيقع التعارض بين قوليهما، فحينئذ يحكم باتحاد المعنى بمقتضى أصالة عدم الاشتراك، فيحكم بالتعارض فيرجع إلى العلاج. انتهى.
نقول إن في كل من دعوييه منعا ظاهرا.
أما الأولى: فلما مر من أن حمل العام على الخاص من وجوه الجمع الدلالي، وقد عرفت سابقا أنه فيما إذا كان الدليلان صادرين من واحد، وأما إذا صدرا من متعدد كما فيما نحن فيه فلا.
وأما الثانية: فلأنه بعد ما فرض حجية قول النقلة واعتباره، فيكون قول كل