ويكون دينه القيم كما أشار يوسف على ملك مصر، نظرا منه للخلق، ولأن الأرض والحكم فيها إليه فإذا أمكنه أن يظهر مصالح الخلق فعل، وإذا لم يمكنه ذلك بنفسه، توصل إليه على يدي من يمكنه، طلبا منه لإحياء أمر الله تعالى. قال: فلم قعد عن قتالهم؟ قال: كما قعد
هارون بن عمران (عليه السلام) عن السامري وأصحابه وقد عبدوا العجل. قال: أفكان ضعيفا؟ قال: كان كهارون حيث يقول:
﴿يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني﴾ (١)، وكان
كنوح (عليه السلام) إذ قال:
﴿أني مغلوب فانتصر﴾ (٢) وكان كلوط (عليه السلام) إذ قال:
﴿لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد﴾ (٣) وكان كهارون
وموسى (عليهما السلام) إذ قال:
﴿رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي﴾ (4)، قال: فلم قعد في الشورى؟ قال: اقتدارا منه على الحجة، وعلما منه بأن القوم إن ناظروه وأنصفوه كان هو الغالب، ولو لم يفعل وجبت الحجة عليه، لأنه من كان له حق فدعى إلى أن يناظر فيه فإن ثبت له الحجة أعطيه، فلم يفعل، بطل حقه، وأدخل بذلك الشبهة على الخلق، وقد قال يومئذ: اليوم أدخلت في باب إن أنصفت فيه وصلت إلى حقي، يعني أن أبا بكر استبد بها يوم
السقيفة ولم يشاور، قال: فلم
زوج عمر بن الخطاب ابنته؟ قال: لإظهاره الشهادتين وإقراره بفضل
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أراد بذلك استصلاحه، وكفه عنه، وقد عرض لوط (عليه السلام) بناته على قومه وهم كفار ليردهم عن ضلالهم فقال: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد (5)) (6).