وتصبحكم كما فعل بأهل المثلات من قبلكم، حيث أخبر الله عن الجبابرة، العتاة، الطغاة، والمستضعفين من الغواة في قوله عزوجل: ﴿يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم﴾ (1): أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد حل بكم الذي توعدون، عاتبتكم يا أهل الكوفة بمواعظ القرآن فلم أنتفع بكم، وأدبتكم بالدرة فلم تستقيموا لي، وعاقبتكم بالسوط الذي يقام به الحدود فلم ترعوا، ولقد علمت أن الذي يصلحكم هو السيف، وما كنت متحريا صلاحكم بفساد نفسي، ولكن سيسلط عليكم بعدي سلطان صعب، لا يوقر كبيركم، ولا يرحم صغيركم، ولا يكرم عالمكم، ولا يقسم الفي بالسوية بينكم، وليضربنكم، وليذلنكم، ويجهزنكم في المغازي، وليقطعن سبيلكم، وليحجبنكم على بابه، حتى يأكل قويكم ضعيفكم، ثم لا يبعد الله إلا من ظلم منكم، ولقل ما أدبر شيء ثم أقبل، واني لأظنكم في فترة، وما علي إلا النصح لكم.
يا أهل الكوفة، لقد منيت منكم بثلاث واثنين: صم ذووا أسماع، بكم ذووا السن، وعمى ذووا أبصار، لا إخوان صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء.
اللهم إني قد مللتهم وملوني وسأمتهم وسأموني، اللهم لا ترض عنهم أميرا ولا ترضهم عن أمير، ومث قلوبهم كما يماث الملح في الماء. أم والله لو أجد بدا من كلامكم ومراسلتكم ما فعلت، ولقد عاتبتكم في رشدكم حتى لقد سئمت الحياة، كل ذلك تراجعون بالهزء من القول، فرارا عن الحق، وإلحادا إلى الباطل الذي لا يعز الله بأهله الدين، وإني لأعلم أنكم لا تزيدونني غير تخسير، كلما أمرتكم بجهاد عدوكم إثاقلتم إلى الأرض، وسألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول، إذا قلت لكم انفروا في الشتاء، قلتم هذا أوان قر وصرد، وإن قلت لكم انفروا في الصيف،