إلا منافق! وأنه مع الحق والحق معه، ومع القرآن والقرآن معه!
وفي حجة الوداع كان أكبر هم النبي صلى الله عليه وآله أن يركز في الأمة إمامة عترته أهل بيته عليهم السلام من بعده، فقد خطب خمس خطب في مكة وعرفات ومنى، وأكد في جميعها بصورة وأخرى على أن عترته هم الضمانة الوحيدة من بعده. وفي خطبته بعرفات بشر الأمة بأن الله اختار لها بعده اثني عشر إماما ربانيا من عترته!
ثم خطب السادسة في طريق عودته إلى المدينة في غدير خم، فأمر أن يعمل له منبر مرتفع من الأحجار وأحداج الإبل، وأصعد عليا عليه السلام معه على المنبر ورفع بيده، وبلغ الأمة أن الولاية التي جعلها الله له على الأمة جعلها لعلي بعده! فقال: (أيها الناس: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)! وجاء في رواية صحيحة روتها مصادرهم عن أبي هريرة: (فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم فأنزل الله عز وجل: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). (راجع تصحيح الحديث في كتاب آيات الغدير للمؤلف).
نعم، هذا كلام عمر وهذه تهنئته لعلي يوم الغدير حيث أمر النبي صلى الله عليه وآله بنصب خيمة لعلي عليه السلام وأمر المسلمين أن يبايعوه فبايعوه، وأمر زوجاته فجئن إلى خيمة علي وبايعنه، فغمس علي عليه السلام يده في سطل ماء، ثم غمسن فيه أيديهن!
ويطول الكلام حتى لو أردنا الاكتفاء بفهرس لتبليغات النبي صلى الله عليه وآله مكانة أهل بيته وحقهم على كافة الأمة، وقد روت ذلك مصادر الجميع!
* * في هذا الجو، نقرأ في مصادر الطرفين أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبكي لمستقبل أهل بيته الطاهرين، وظلامتهم الفادحة المأساوية أمته! والتي ستطول حتى يبعث الله ولده