إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، واجتنبت الذهاب في مداحضك. أين القرون الذين غررتهم بمداعبك؟ أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك؟ ها هم رهائن القبور ومضامين اللحود. والله لو كنت شخصا مرئيا وقالبا حسيا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف، وأوردتهم موارد البلاء، إذ لا ورد ولا صدر. هيهات من وطأ دحضك زلق، ومن ركب لججك غرق، ومن أزور عن حبائلك وفق، والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه. أعزبي عني، فوالله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني. وأيم الله يمينا أستثني فيها بمشيئة الله، لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها، مستفرغة دموعها! أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك، وتشبع الربيضة من عشبها فتربض، ويأكل علي من زاده فيهجع! قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية.
طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها. وهجرت في الليل غمضها، حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها وتوسدت كفها، في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم: أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون. فاتق الله يا ابن حنيف، ولتكفك أقراصك ليكون من النار خلاصك). (نهج البلاغة: 3 / 72) وعلى صعيد الثقافة: ألغى علي عليه السلام حظر تدوين السنة الذي فرضه أبو بكر وعمر وعثمان، وأمر برواية السنة النبوية وتدوينها، وشجع عليه. وأطلق عليه السلام للعلماء والطلبة البحث في تفسير القرآن، وألغى المنع الذي فرضه عمر.
كما أبعد عن المسلمين مصادر الكذب والتخريب الثقافي، من الحاخامات