والزبير فاستعانا به وسارا نحو البصرة. ومر القوم في الليل بماء يقال له: مر الحوأب فنبحتهم كلابه فقالت عائشة: ما هذا الماء؟ قال بعضهم: ماء الحوأب. قالت: إنا لله وأنا إليه راجعون! ردوني ردوني! هذا الماء الذي قال لي رسول الله: لا تكوني التي تنبحك كلاب الحوأب. فأتاها القوم بأربعين رجلا فأقسموا بالله أنه ليس بماء الحوأب)! انتهى.
وفي تاريخ الطبري: 3 / 475: (عن العرني صاحب الجمل (الذي باعه لعائشة) قال: بينما أنا أسير على جمل إذ عرض لي راكب فقال: يا صاحب الجمل تبيع جملك؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: بألف درهم! قال: مجنون أنت! جمل يباع بألف درهم؟! قال قلت: نعم، جملي هذا! قال: ومم ذلك؟ قلت: ما طلبت عليه أحدا قط إلا أدركته ولا طلبني وأنا عليه أحد قط إلا فته. قال: لو تعلم لمن نريده لأحسنت بيعنا. قال قلت: ولمن تريده؟ قال: لأمك. قلت: لقد تركت أمي في بيتها قاعدة ما تريد براحا! قال: إنما أريده لأم المؤمنين عائشة. قلت: فهو لك فخذه بغير ثمن! قال: لا، ولكن إرجع معنا إلى الرحل فلنعطك ناقة مهرية ونزيدك دراهم. قال: فرجعت فأعطوني ناقة لها مهرية، وزادوني أربعمائة أو ستمائة درهم. فقال لي: يا أخا عرينة، هل لك دلالة بالطريق؟ قال قلت: نعم، أنا من أدرك الناس. قال: فسر معنا فسرت معهم، فلا أمر على واد ولا ماء إلا سألوني عنه، حتى طرقنا ماء الحوأب فنبحتنا كلابها! قالوا: أي ماء هذا؟ قلت: ماء الحوأب! قال: فصرخت عائشة بأعلى صوتها، ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته، ثم قالت: أنا والله صاحبة كلاب الحوأب، طروقا ردوني! تقول ذلك ثلاثا! فأناخت وأناخوا حولها، وهم على ذلك وهي تأبى حتى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد، فجاءها ابن الزبير فقال: النجاء النجاء، فقد أدرككم