المستجابة الدعاء! ولم يستجر بنو هاشم بقبر النبي صلى الله عليه وآله طالبين رفع ظلامتهم، وهو من عادات العرب التي يحسبون لها حسابا!
ولم يجرد علي عليه السلام ذا الفقار، بل رأينا بطل بدر وأحد والخندق وفاتح خيبر، انقاد لأشخاص لا هم فرسان ولا شجعان، يجرونه إلى السقيفة بحمائل سيفه، ولم يدفعهم عن نفسه بيده ولا سيفه! ولو فعل لفروا منه كالبغاث! لكنه وفى بما التزم به لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله، أن لا يدع التاريخ يجري بما هو أكثر سوءا!
علي عليه السلام يصف عهود أبي بكر وعمر وعثمان!
وصف عليه السلام فترة الثلاثين سنة التي تحمل فيها أهل البيت النبوي وشيعتهم أقسى مأساة جرت على عترة بعد نبيها، فقال في خطبته المعروفة بالشقشقية:
(أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه!
فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا! حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده! ثم تمثل بقول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته! لشد ما تشطرا ضرعيها! فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة. حتى إذا مضى لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم! فيا لله وللشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر!