مجسمة الحنابلة، وغلب على بغداد جو الاعتدال السني والميل إلى التشيع، ولم نعد نسمع بذكر علماء الحنابلة المتطرفين وجمهورهم العنيف، لعدة قرون!
كما لم يظهر لهم في هذه القرون أي وجود في أي بلد من بلاد المسلمين، حتى جاء القرن الثامن فظهروا في ظل المماليك الشراكسة، كحزب صغير في الشام، بزعامة شخص متوتر هو الشيخ أحمد عبد الحليم بن تيمية، الذي رعاه بعض الأمراء الشراكسة، وعينه لمدة قصيرة في منصب شيخ الإسلام في بلاد الشام، ثم عزلوه وسجنوه وحاكموه، نزولا عند حكم علماء المذاهب الأربعة في مصر والشام، وأبقوه في السجن حتى مات. وبموته تلاشى حزبه، وغابت أفكاره التي هي نفس أفكار حزب المتوكل أو مجسمة الحنابلة، فلم يذكر التاريخ لهم وجودا في بلاد الشام أو غيرها، إلا بعد خمسة قرون، على يد الشيخ محمد عبد الوهاب النجدي!
كلمتان في منهج الدراسة الكلمة الأولى: أنا لا نتوقع من التاريخ الذي كتب بحبر الحكام، أن يكون منصفا في بيان ظلامة المعارضة! فالحكومات تؤرخ لنفسها وتعظم أشخاص الحكام، وتجعلهم في مصاف المصلحين والأولياء وإن كانوا فاسدين مفسدين!
كما يتفنن المؤرخون الحكوميون في التعتيم على المعارضة، فيصورون لك أنها لم تكن موجودة أصلا، وإن اضطروا للاعتراف بها تعمدوا تهميشها وتشويهها! وهذا هو دأب كل الحكومات التي كتبت تاريخنا، وأملت مصادر حديثنا وتفسيرنا وفقهنا! لا فرق فيها بين الأموية والعباسية والشركية والعثمانية والحديثة، ولا بين مذاهبها.
لذلك كان لا بد لنا لفهم تأريخ الظلم والاضطهاد على أهل البيت الأطهار عليهم السلام