فأما مسجد الحرام فهو عبارة عن الحرم عند الفقهاء فلا يدخلن مشرك الحرم بحال لقوله تعالى ﴿إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا﴾ (1).
وأما مسجد الحجاز فليس لهم دخوله إلا على ما سنبينه فيما بعد.
فأما سائر المساجد فإن أرادوا دخولها للأكل والنوم وما أشبه ذلك منعوا منه، وإن أرادوا دخولها لسماع قرآن وعلم وحديث منعوا منها لأنهم أنجاس والنجاسة تمنع المساجد، وقد قيل: إنهم يدخلونها لذلك لكن بأذن، والمذهب أنه ليس لهم ذلك ولا لأحد أن يأذن لهم في ذلك.
فإن قدم وفد من المشركين على الإمام أنزلهم في فضول منازل المسلمين، وإن لم يكن لهم فضول منازل جاز أن ينزلهم في دار ضيافة إن كانت، وإن لم يكن جاز للإمام أن ينزلهم في المساجد لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنزل سبي بني قريظة والنضير في مسجد المدينة حتى أمر ببيعهم، والأحوط ألا ينزلهم فيها، وهذا الفعل من النبي كان في صدر الاسلام قبل نزول الآية التي تلوناها كل مشرك ممنوع من الاستيطان في حرم الحجاز من جزيرة العرب فإن صولح على أن يقيم بها ويسكنها كان الصلح باطلا لما روى ابن عباس قال: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بثلاثة أشياء فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالث وقال: أنسيتها وهي مسألة إجماع، والمراد الجزيرة العرب الحجاز لا جزيرة العرب كلها لأنه لا خلاف أنهم لا يخرجون من اليمن وهي من جزيرة العرب قال الأصمعي: حد جزيرة العرب من عدن إلى ريف عبادان طولا، ومن تهامة وما والاها إلى أطراف الشام عرضا، وكذلك قال أبو عبيدة وغيره، وقال بعضهم (2): الحجاز مكة والمدينة واليمن ومخاليفها.
فأما دخولهم الحجاز لحاجة أو عابر سبيل فالحرم يمنعون من الاجتياز به بكل