عليها بلا خلاف لقوله تعالى ﴿فإذا إنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ (1) فاقتضى ذلك قتلهم بكل حال وخرج قدر الأربعة أشهر بدليل الآية الأولى وبقي ما عداه على عمومه فأما إذا كانت المدة أكثر من أربعة أشهر وأقل من سنة فالظاهر المتقدم يقتضي أنه لا يجوز، وقيل: إنه يجوز مثل مدة الجزية. فأما إذا لم يكن الإمام مستظهرا على المشركين بل كانوا مستظهرين عليه لقوتهم وضعف المسلمين أو كان العدو بالعبد منهم وفي قصدهم التزام مؤن كثيرة فيجوز أن يهادنهم إلى عشر سنين لأن النبي (صلى الله عليه وآله) هادن قريشا عام الحديبية إلى عشر سنين ثم نقضوها من قبل نفوسهم (2) فإن هادنهم إلى أكثر من عشر سنين بطل العقد فيما زاد على العشر سنين وثبت في العشر سنين، ولا بد من أن تكون مدة الهدنة معلومة فإن عقدها مطلقة إلى غير مدة كان العقد باطلا لأن إطلاقها يقتضي التأبيد وذلك لا يجوز في الهدنة فأما إن هادنهم على أن الخيار إليه (3) متى شاء نقض فإنه يجوز، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه فتح خيبر عنوة إلا حصنا منها فصالحوه على أن يقرهم بما شاء الله، (ما أقرهم الله خ ل) وروي أنه قال لهم: نقركم ما شئنا.
والحربي إذا أراد أن يدخل بلد الاسلام رسولا " أو مستأمنا فإن كان لقضاء حاجة من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة ولم يطلب مدة معلومة جاز أن يدخل يوما ويومين وثلاثة إلى العشرة فإن أراد أن يقيم مدة فالحكم فيه كالحكم في الإمام إذا أراد أن يعقد الهدنة وهو مستظهر وكان في ذلك نظر للمسلمين فيجوز إلى أربعة أشهر على ما قدمناه بلا زيادة.
إذا أراد الإمام ترك القتال والمواعدة على مال يبذله للمشركين فإن لم يكن مضطرا إلى ذلك لم يجز سواء كان من حاجة أو غير حاجة لقوله تعالى (حتى يعطوا