من الجزية أجيبوا إليه، وإن التزموا زيادة على ما يكون أقل الجزية لزمهم ذلك فإن امتنعوا بعد ذلك قوتلوا عليه فإن مانعوا نقضوا العهد فإن طلبوا بعد ذلك العقد على أقل ما يراه الإمام أن تكون جزية لهم لزمه إجابتهم إليه ولا يتعين ذلك بدينار أو أقل أو أكثر على ما بيناه.
والشرط الثاني: أن يكون معلوما لأنه لا يصح العقد على مجهول ويصير معلوما بأن يكون عدد أيام الضيافة من الحول معلومة فيقال لهم: يضيفون من السنة خمسين يوما أو أقل أو أكثر، ويكون عدد من يضاف معلوما فيقال كذا وكذا نفسا من الرجال ومن الفرسان كذا وكذا، ويكون القوت معلوما، ولكل رجل كذا وكذا رطلا من الخبز، وكذا من الأدم من لحم وجبن وسمن وزيت وشيرج، ويكون مبلغ الأدم معلوما، ويكون علف الدواب معلوما ألقت والشعير والتبن وغير ذلك لكل دابة شئ معلوم فإن نزلوا بهم ولم يوفوا مبلغ العلف فأقروا أن الصلح وقع على علف الدواب لم يجب عليهم الحب بل يلزمهم أقل ما يقع عليه اسم العلف من تبن وقت ثم ينظر في حالهم فإن كانوا متساويين في قدر الجزية لم يفضل بعضهم على بعض في الضيافة بل ينزل على كل واحد مثل ما ينزل على الآخر، وإن كانوا متفاضلين في الجزية كانت الضيافة أيضا مثل ذلك، ومبلغ الضيافة ثلاثة أيام لما تضمنه الخبر، وما زاد عليه فهو مكروه.
فأما موضع النزول فينبغي أن يكون في فصول منازلهم وبيعهم وكنايسهم ويؤمرون بأن يوسعوا أبواب البيع والكنايس لمن يجتاز بهم من المسلمين، وأن يعلوا أبوابها ليدخلها المسلمون ركبانا فإن لم تسعهم بيوت الأغنياء نزلوا في بيوت الفقراء ولا ضيافة عليهم، وإن لم يسعهم لم يكن لهم اخراج أرباب المنازل منها فإن كثروا وقل من يضيفهم فمن سبق إلى النزول كان أحق به وأولى وإن قلنا: يستعملن القرعة كان أحوط، وكذلك إن جاءوا معا أقرع بينهم فإن نزلوا بعد ذلك بقوم آخرين من أهل الذمة قروا الذين لم يقروا، وينزل الذين قروا فإن مات الإمام قام غيره مقامه وتثبت عنده مبلغ الجزية وما صولحوا عليه من الضيافة أقرهم على ما كانوا عليه،