الشركة على أربعة أضرب: شركة المفاوضة، وشركة العنان، وشركة الأبدان، وشركة الوجوه. فشركة العنان هي التي ذكرناها، وإنما سميت شركة العنان لأنهما يتساويان فيهما ويتصرفان فيهما بالسوية كالفارسين إذا سيرا دابتيهما وتساويا في ذلك فإن عنايتهما حال السير سواء، وقال الفراء: هي مشتقة من عن الشئ إذا عرض يقال: عنت لي حاجة: أي عرضت فسمى به الشركة لأن كل واحد منهما قد عن له أن يشارك صاحبه: أي عرض له، وقيل: إنه مشتق من المعاننة يقال: عاننت فلانا:
أي عارضته بمثل ماله ومثل فعاله، وكل واحد من الشريكين يخرج في معارضة صاحبه بماله وتصرفه فيخرج مالا مثل مال صاحبه وينصرف كما ينصرف صاحبه فسميت بذلك شركة العنان وهذا الأخير أصلح ما قيل فيه.
إذا ثبت هذا فإذا أخرج كل واحد منهما من جنس المال الذي أخرجه صاحبه ومن نوعه وصفته وعقدا عليهما عقد الشركة وخلطا المالين انعقدتا الشركة وثبتت فإذا أذن كل واحد منهما في التصرف لصاحبه بعد ذلك جاز التصرف، وإذا لم يخلطا المالين لم ينعقد الشركة، ويكون الحكم في المالين كما لو لم يتلفظا بالشركة، وفي الناس من قال: الخلط ليس من شرط صحة الشركة فإذا تلفظا بالشركة انعقدت وإذا ارتفع الربح كان بينهما، والأول أقوى لحصول الاجماع على انعقاد الشركة به وفي الثاني خلاف فيه، ولأن الاشتراك هو الاختلاط في اللغة فينبغي أن يراعى معنى الاختلاط.
وشركة المفاوضة باطلة، وهي أن يكون مالهما من كل شئ يملكانه بينهما.
وفي الناس من قال: إنها صحيحة إذا حصلت [ب] شرايطها، ومن شرايطها أن يكونا مسلمين حرين.
فأما إذا كان أحدهما مسلما والآخر كافرا أو أحدهما حرا والآخر مكاتبا لم يجز الشركة، ومن شرطها أن يتفق قدر المال الذي ينعقد الشركة في جنسه وهو الدراهم والدنانير.
وإذا كان مال أحدهما أكثر لم يصح هذه الشركة، وإخراج أحدهما الشركة من ذلك المال أكثر مما أخرجه الآخر لم يصح.