وعلى كل حال فقد عرفت المراد بالمحرمات السبع المذكورات في الآية سواء قلنا بصدق الأسماء حقيقة على العاليات والسافلات وإن تفاوتت الأفراد في الانسياق، أو قلنا به فيما لا واسطة خاصة دون غيره، فمجاز إلا أنه مراد في خصوص الآية، لاتفاق المفسرين كما قيل على إرادة ذلك منها، ولأن المقصود منها تفصيل المحرمات كما يقتضيه المقام، ويدل عليه قوله تعالى (1): " وأحل لكم ما وراء ذلكم " ولا ريب في أن الحمل على العموم أنسب بالفرض المذكور، لانحصار المحرمات النسبية في السبع على ذلك التقدير، بخلاف ما لو لم ترد منها ذلك، فإنه يخرج عنها حينئذ كثير مما يحرم بالنسب، وأيضا فالمعنى الحقيقي للأم على هذا التقدير ليس فيه تعدد يصح معه استعمال صيغة الجمع، فيجب حمله على ما يطلق عليه اللفظ ولو مجازا، تحقيقا لمقتضى الجمعية، وإرادة هذا المعنى من الأم يقتضي إرادته من غيره، لأن الظاهر كون الجمعية في الجميع على نسق واحد، واحتمال كون التعدد باعتبار تعدد المخاطبين خلاف الظاهر، لأن خطاب الجماعة للعموم، ومقتضاه ثبوت الحكم لكل واحد دون المجموع، وما يقال إن المجاز هنا لازم إما في الخطاب أو في ألفاظ النسب ولا ترجيح يدفعه منع انتفاء الترجيح، فإن التجوز في الثاني أقل، والفائدة فيه أتم وأكمل، على أنه موافق للنصوص (2) المعتبرة المستفيضة الدالة على تحريم نساء النبي صلى الله عليه وآله على الحسن والحسين عليهما السلام لو لم تكن محرمة على الناس بآية " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم " (3) وحرمة حلائلهما عليهما السلام عليه صلى الله عليه وآله بقوله تعالى (4): " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " وعلى تحريم بنات الفاطميين عليه صلى الله عليه وآله بقوله تعالى (5): " وبناتكم " إلى غير ذلك مما يدل على المطلوب، فمن الغريب احتمال
(٢٤٠)