قلت: كأن الذي دعاه إلى ذلك ظهور كون القابل أراد ما قصده الأب في صورة الرؤية وعدمها، مع أن الإمام عليه السلام فصل بينهما، فعلم منه أن التفويض مع الرؤية صحيح دون غيره، لكن لا يخفى عليك بعد اختصاص جواز التفويض في ذلك، ضرورة عدم اعتبار المعلومية في النكاح، فأي مدخلية للرؤية وعدمها.
ومن هنا قال في المسالك بعد أن أشكل التنزيل المزبور بما سمعت: إن اللازم إما العمل بمدلول الرواية من غير حمل كما فعل الشيخ، أوردها رأسا والحكم بالبطلان، كما فعله ابن إدريس، ولعله أجود، لأن العقد لم يقع على معينة مخصوصة منهما، وهو شرط في صحته، وإن كان قد يناقش بناء على تنزيل الخبر على ما عرفت بأن التمييز حاصل على الوجه المعتبر، فإن الزوج ينوي قبول نكاح من نواها الأب، وهو وصف مميز لها عما عداها، فأي فرق بين هذا الوصف والوصف بالكبرى والصغرى ونحوهما، نعم يتجه البطلان مع فرض عدم التفويض أو عدم التعيين من الأب حين العقد، فالبحث حينئذ في تنزيل الخبر على ذلك، ولا بأس به جمعا بينه وبين القواعد المعتبرة حتى بالنسبة إلى ظهور الرؤية في التفويض، بحيث يكون الزوج مدعيا لمخالفة الظاهر.
وبذلك ظهر لك حكم جميع الصور، وهو البطلان فيما إذا لم يقصدا معينة، أو تخالفا في القصد، أو لم يعرف أحدهما ما قصد الآخر، والصحة لو قصدا معينة عالمين بالموافقة، وفيما لو قصد الزوج مثلا قبول من قصدها الأب بتفويض وبغيره مع فرض قصده معينة في قول والتحالف لو اختلفا في المعينة التي أوقعا العقد عليها، نعم قد يتوقف في الصحة في الصورتين الأخيرتين، لعدم صدق امتياز الزوجة فيهما الذي ستعرف اعتباره بالاسم أو الصفة أو الإشارة، ضرورة عدم كون المقصود للأب مثلا منها، إذ ليس هو وصف مميز إلا للأب بخلاف الكبرى مثلا.
فالتحقيق اختصاص جواز ذلك بمضمون الصحيح بناء على العمل به دون غيره، لا أن المراد من تنزيله أن ذلك جائز في نفسه مع قطع النظر عن الصحيح، لكونه مقتضى القواعد، فإن ذلك مشكل جدا، بل لو قيل بصحته للخبر على وجه يجري