الأدلة خلافه، بل يمكن دعوى الاجماع على اعتبار القرعة في نحو المقام.
وعلى كل حال فوجه الاشكال في الخبر أنه يدل حينئذ على أن الرؤية كافية في الصحة، والرجوع إلى قول الأب وإن خالف ما نواه الزوج وعدمها كاف في البطلان وإن توافقا، مع أن الرؤية لا مدخل لها في صحة العقد وعدمها، ولا تفيد التعيين، ولا عدمها ينافيه، بل ولا تفيد ما نزله المصنف عليه، لأن التفويض إلى الأب إن كفى مع تولية القبول من غير أن يقصد معينة فلا فرق بين الرؤية وعدمها، فيلزم الصحة على التقديرين، وإن لم يكف بطل على التقديرين، ولا دلالة في الرؤية ولا عدمها على شئ من الأمرين وإن كان ظاهر المصنف ذلك، بل وكذا المحكي عن المختلف، فإنه قال: " والتخريج في هذه الرواية أن الزوج إذا كان قد رآهن كلهن فقد رضي بما يعقد عليه الأب منهن، ورضي باختياره، ووكل الأمر إليه، فكان في الحقيقة وكيله، وقد نوى الأب واحدة معينة، فينصرف العقد إليها، وإن لم يكن قد رآهن كان العقد باطلا، لعدم الرضا بما يسميه الأب ويعينه في ضميره، والأصل في ذلك أن نقول: إن كان الأب قد نوى واحدة بعينها وكان رؤية الزوج لهن دليلا على الرضا بما يعينه صح العقد، وكان القول قول الأب فيما عينه، وإلا فلا " فهو كالصريح في أن العمدة هو التفويض، والرؤية دليل عليه، وإن كان فيه نظر، بل منع، ضرورة أعمية خصوص الرؤية من ذلك، وإنما هو إن كان فمن قبول الزوج، مع إجمال الأب، فإن ظاهر القبول الرضا بما أوجبه الأب وأراده وعلى كل حال فظاهره كون الرؤية دليلا كاشفا.
لكن في كشف اللثام جعل جواز التفويض وعدمه دائرا مدار الرؤية وعدمها، لا أن الرؤية دليل التفويض، وعدمها دليل عدمه إلى أن قال: " إنه لا بعد في أن يكون التفويض إلى الولي جائزا في النساء التي رآهن، لأنهن تعين عنده، دون من لم يرهن لكثرة الجهالة، لا أن الرؤية دليل على التفويض، وأن التفويض جائز مطلقا على أنه إن رأى بعضهن خاصة كان الظاهر تعلق نيته بمن تعلقت بها الرؤية، وإن تعددت فالتفويض في تعيين واحدة منهن، فإن ادعى الأب غيرهن لم يسمع منه، لظهور خلافه ".