من إثبات الحكم الشرعي بالعرف والعادة، بل ولا من إثبات بيان مهية العبادة التوقيفية بهما، بل هو من إثبات مصداق التباعد وعدمه فيها الثابت حكمه من الاجماعات السابقة وغيرها، على أنه لا بأس بالتزام اعتبارهما هنا إذا صارا سببا لكشف المعهود من جماعة النبي والأئمة (عليهم الصلاة والسلام) فيقتصر على الثابت منه، وهو الذي لا تباعد فيه.
وما يقال: إن ذلك كله جيد لو أن الأدلة خلت عن التعرض لبيان التحديد، وليس - إذ في صحيح زرارة (1) عن الباقر (عليه السلام) المتقدم سابقا (إن صلى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطى فليس ذلك الإمام لهم بإمام، وأي صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة - إلى أن قال -: وقال أبو جعفر (عليه السلام): ينبغي أن يكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض، لا يكون بين الصفين، ما لا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان إذا سجد، قال: وقال: أيما امرأة صلت خلف إمام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة، قال: قلت: فإن جاء إنسان يريد أن يصلي كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل؟ قال: يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا) واحتمال إرادة الحائل مما لا يتخطى فيه يدفعه ذكر الحائل فيه بعد ذلك مستقلا، على أن لفظ القدر وذيل الصحيح شاهدا إرادة المسافة، وفي صحيح عبد الله بن سنان (2) عن الصادق (عليه السلام) (أقل ما يكون بينك وبين القبلة مربض عنز، وأكثر ما يكون مربض فرس) إذ المراد بالقبلة كما عن المجلسي ومولانا مراد في شرحيهما على الفقيه الصف الذي قبلك أو الإمام مع تأيدهما بأن الجماعة توقيفية، والثابت منها ذلك لا أزيد، فالأصل عدم البراءة وعدم سقوط القراءة وغيرها من أحكام الجماعة في غير