وأيضا فإن الخلاف إذا حصل بين السلف فيما ذكرنا والاحتمال قائم في الترتيب (1) والنسخ على وصفنا صار حكم اللفظ بمنزلة سائر الحوادث التي (2) يحتاج في اثبات حكمها إلى ردها إلى الأصول والاستشهاد بها عليه (3) فلذلك لم نجز الاقدام على شئ من ذلك إلا بعد الاستشهاد بالأصول فما شهد له الأصول (4) منهما كان أولى بالاستعمال وهو الناسخ والآخر منسوخ به (5) وأيضا لما لم (6) نعلم تاريخهما صار كالخبرين المتضادين إذا لم يعلم تاريخهما واختلف السلف فيهما فيكون سبيله الاستدلال على الناسخ منهما بالنظائر والأصول فإن قيل قد علم ثبوت الخاص في وقت وثبوت العام أيضا واستعمالهما ممكن فلا نرفع ما تيقنا ثبوته بالشك قيل له انا وان كنا قد (7) تيقنا ثبوتهما فلم (8) نتيقن بقاءهما لأن العام إذا ورد بعد استقرار حكم الخاص فهو ناسخ له عندنا فإذا لم يكن معنا يقين ببقاء (9) حكم الخاص لم يجز إثباته بالشك ووجب الرجوع إلى الدلائل في بقاء (10) حكمه أو نفيه فإن قيل لما احتمل العام أن يكون مبنيا على الخاص ولم يحتمل الخاص أن يكون مبنيا على العام صار العام بمنزلة اللفظ المحتمل للمعاني فحمل (11) على ما لا يحتمل إلا معنى واحدا كما يحمل المتشابه على المحكم قيل له ما لم يعلم تاريخه من العام والخاص فالاحتمال قائم في كل واحد منهما لأن
(٤١٥)